-A +A
«عكاظ» (جدة)okaz_online@
تعتز المملكة بصفتها من الدول الموقعة على ميثاق سان فرانسيسكو الذي أنشئت بموجبه الأمم المتحدة في 26 من يونيو عام 1945، وبالتزامها الدائم بالمبادئ والأسس التي تضمنها الميثاق، وذلك عن طريق مبادئ عدة تؤكد حرصها على العمل على دعم المنظمة الأممية ووكالاتها المتخصصة، في جميع القضايا، سواء مكافحة العنصرية أو توفير مواد الإغاثة الإنسانية للمنكوبين، أو تخفيف مشكلات الفقر والمجاعات في الدول النامية، والعديد من القضايا المصيرية العالمية الأخرى.

ومن هذا المنطلق، كان الصوت السعودي الأعلى بين الدول المطالبة بإصلاح الأمم المتحدة منذ أعوام بعد أن أخذ منحى الاستناد إلى تقارير كاذبة من منظمات معادية وتوجيه تهم غير صحيحة للدول في عدة قضايا مختلفة، فضلاً عن عجزها التام والشلل الواضح في حل قضايا الشرق الأوسط بشكل خاص، والعالم بشكل عام، مما يؤثر في حيادية المنظمة الدولية في التعامل مع هذه القضايا.


ولعل تقرير الأمين العام السنوي المتعلق بالأطفال في النزاع المسلح (تم التراجع عنه لاحقا) أصدق دليل على التخبط الذي تعيشه الأمم المتحدة في استنادها إلى معلومات وبيانات غير صحيحة وتفتقد الدقة.

وبالعودة إلى المنظمة التي تأسست قبل أكثر من 70 عاماً وتضم عشرات الدول، نجد أن المطالبات بإصلاحها باتت تتكرر وبشكل واضح بعد أن فاض الكيل إزاء عجز المنظمة عن إصلاح نفسها قبل حل القضايا العالمية حتى قامت العديد من الدول باتخاذ إجراءات ضدها.

وفي عام 2013، تمثل الصوت الأبرز في المطالبة بإصلاح المنظمة العالمية، في الموقف السعودي عندما امتنعت المملكة العربية السعودية عن إلقاء كلمتها في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، تعبيرا عن اعتراضها على عجز الأمم المتحدة عن حل أي من القضايا التي تعرض عليها، خصوصا قضية فلسطين والأزمة السورية، حيث قرر الوفد الذي رأسه وزير الخارجية آنذاك الأمير سعود الفيصل يرحمه الله، الامتناع عن إلقاء كلمته في الجمعية العمومية أو توزيع كلمة مكتوبة، وذلك في سابقة سعودية لم تحدث من قبل، فضلاً عن رفض المملكة عضوية مجلس الأمن غير الدائمة، بسبب ما سمته «ازدواجية المعايير» والبقاء كموقف المتفرج على القضيتين الفلسطينية والسورية وغيرهما دون تطبيق القرارات الصادرة في ذلك الخصوص.

وبالنظر للخطابات السعودية على اختلاف قادتها وممثليها في منصة الأمم المتحدة، نجد أن المناداة بالإصلاح باتت تتكرر وبصوت عالٍ بعد أن رأت الدول أن الأمم المتحدة بدأت تفقد مصداقيتها في تسوية النزاعات وتجمد الكثير من القضايا في أروقتها.

وفي نوفمبر 2017، اتهمت المملكة العربية السعودية الأمم المتحدة بدعم الحوثيين في اليمن، بمبلغ 14 مليون دولار، مؤكدة أنه أمر «لا يمكن تبريره أو قبوله»، معتبرة أنها بذلك تتجاوز الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا لتمثيل اليمن.

وأعربت السعودية عن «استنكارها الشديد» لما ورد في تقرير لجنة بالأمم المتحدة خاصة بمواجهة الألغام عن قيام المنظمة الدولية بتقديم مبلغ 14 مليون دولار إلى وزارة التعليم اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون، متهمة ميليشيات الحوثيين بزرع آلاف الألغام داخل اليمن وعلى الحدود السعودية.

وقال الوفد السعودي في الأمم المتحدة «لا يمكن إضفاء الشرعية لمن لا شرعية له، ولا يمكن تسليم المساعدات الدولية لإزالة الألغام لمن يقومون بزرعها ونشرها ويسهمون في تهديد أمن وسلامة اليمن والمنطقة والعالم أجمع».

ولم يكن دعم المملكة للأمم المتحدة سياسيا فقط، بل قدمت دعما ماليا على مدى السنوات الماضية لبرامج المنظمة العالمية للوفاء بالتزاماتها وتنفيذ برامجها الإنسانية، ومدت يدها بالعديد من المنح والمساعدات في مجالات الطاقة للدول النامية، وذلك انطلاقاً من قيمها وتراثها الإنساني.

وبلغ إجمالي المساعدات التي قدمتها المملكة إلى الدول النامية خلال الفترة من (1973-2009) أكثر من (99.75) بليون دولار أمريكي، استفاد منها أكثر من (95) دولة من الدول النامية في آسيا وأفريقيا ومناطق أخرى من العالم، وتنوعت المساعدات بين القروض الميسرة والمنح ومساعدات الإغاثة والإعفاءات من الديون المستحقة.

وطبقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، تعد السعودية واحدة من أكبر 10 دول مانحة للمساعدات الإنمائية في العالم، إذ تبوأت المرتبة السادسة، وبلغ إجمالي ما قدمته المملكة خلال العقود الأربعة الماضية أكثر من 115 مليار دولار، استفادت منها أكثر من 90 دولة في مختلف أرجاء العالم، وهذا يعكس اهتمام السعودية بدعم التنمية في العالم.